يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
123914 مشاهدة print word pdf
line-top
الوقوف بعرفة

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشارح -رحمه الله تعالى- ومن وقف بعرفة نهارا دفع منها قبل الغروب ولم يعد إليها قبله، أي: قبل الغروب ويستمر بها إليه فعليه دم أي: شاة؛ لأنه ترك واجبا، فإن عاد إليها واستمر للغروب أو عاد بعده قبل الفجر، فلا دم عليه؛ لأنه أتى بالواجب وهو الوقوف بالليل والنهار.


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد السنة: الوقوف نهارا إلى الليل؛ إلى غروب الشمس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دفع من منى بعدما طلعت الشمس يوم عرفة ثم لما وصل إلى عرفة وجد القبة قد بنيت بنمرة ولما جلس فيها وزالت الشمس صلى الظهرين، ثم ركب ناقته وتوجه إلى الموقف الذي وقف فيه، وهو عند الصخرات الكبار، عند جبل الرحمة وقف هناك حتى غربت الشمس وتحقق من الغروب، وغاب القرص ثم بعد ذلك دفع، فجمع فيها بين الليل والنهار، أي: جزءا من الليل وكل النهار أو معظم النهار؛ وذلك لأن ذلك اليوم يسمى يوم عرفة، والليلة التي تليه ليلة عيد النحر امتداد لعرفة وامتداد للوقوف؛ فلأجل ذلك لا بد أن يقف فيها، فإن وقف في النهار فلا بد أن يبقى إلى الليل، فإن انصرف قبل مغيب الشمس ولم يعُد، فقد ترك واجبا؛ لأن الوقوف بعرفة ركن، والوقوف بها إلى أن تغيب الشمس واجب. فالذي ينصرف قبل الغروب ترك واجبا ؛ لكونه انصرف قبل الوقت الذي انصرف فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بد أن يكون عليه دم من تعجله قبل الغروب، والدم شاة لمساكين الحرم أو سبع بدنة أو سبع بقرة كما تقدم.
كذلك لو قدر مثلا أنه انصرف بعد العصر، ثم رجع إليها قبل الغروب وغربت الشمس وهو بها فلا دم عليه، وكذلك لو انصرف قبل العصر وبقي بها ولم يرجع إلا في الليل رجع في الليل وبقي ساعة أو نصف ساعة أو جزءا من الوقت فإنه في هذه الحال لا دم عليه؛ لكونه جمع بين جزء من الليل وجزء من النهار، فالحاصل أنه لا بد أن يجمع بين الليل والنهار إن وقف نهارا؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الليل والنهار. يعني: أدركه الليل ولم يخرج من حدود عرفة إلا بعد ما مضى من الليل نحو ساعة أو قليل قريبا منها، ولهذا لم يصل إلى مزدلفة إلا بعدما دخل وقت العشاء أو مضى منه جزء، فهذا هو من الواجبات الوقوف بعرفة إلى أن تغيب الشمس أو أن يقف بها نهارا وجزءا من الليل ولو لم يكونا متواليين. نعم.

line-bottom